"نسيم الأمين": الموسيقا مدينة أفلاطون الفاضلة
عندما تبدأ أوتار عوده عزف الأنغام، تشعر أنك بحاجة لسماع الموسيقا التي ربما تكون قد نسيتها، أو ربما تعتقد حينها أنك نسيتها، ثم تتذكرها فجأة عندما تبدأ حبال حنجرته بالغناء. إنه الشاب الذي لا يعرف الآخرون ماذا يفضلون به، عزفه، أم غناءه، أم طيبة قلبه، إنه باختصار "نسيم الأمين".
التقىنا الشاب الفنان "نسيم الأمين" في بيته في مدينة "أفاميا" يوم الخميس 24 أيلول 2009، وجرى بيننا الحوار التالي:
* لماذا صار "نسيم الأمين" فناناً؟
** «منذ طفولتي كنت أسمع والدي يعزف على آلة العود الموجودة أمام عيني دائماً، ثم كانت محاولتي الأولى بأغنية شعبية صغيرة، وطبعاً كانت بالنسبة لي خطوة الانطلاق في مشوار الألف ميل».
* والغناء؟
** الغناء أعتقد أنه موهبتي الأساسية أكثر من العزف، هذه الموهبة اكتشفتها أمي التي أخبرت والدي عن جمال خامة صوتي، فأخذني إلى صديق له يمتاز بحنجرة ذهبية. أعجب الأخير بصوتي وعلمني أول أغنية أديتها في حياتي وهي: "يا بدع الورد.. يا جمال الورد"، ثم بدأت بالتمارين الصوتية التي مازالت مستمرة حتى اليوم.
* هل طورت موهبتك بسهولة أم واجهتك صعوبات ما؟
** «المشكلة تكمن في كون مجتمعي مجتمعاً قروياً، فلا يوجد في قريتي
|
عوده يرافقه دائماً |
أو حتى منطقتي معاهد موسيقية ذات مستوى كافٍ لأطور نفسي، فاضطررت للذهاب إلى مناطق بعيدة قليلاً لتعلم الموسيقا، مما كان يسبب بعض الإرهاق أحياناً، كما شاركت في المسابقات التي تقيمها عادة كل من منظمتي "طلائع البعث" و"اتحاد شبيبة الثورة"، فنلت عدة جوائز، وشاركت بمهرجانات مهمة وحفلات عديدة، هذا كله أدى إلى تطوير موهبتي شيئاً فشيئاً، متجاوزاً بذلك الصعوبات التي كانت تواجهني».
* لكل موسيقي علاقته الخاصة بالموسيقا، ما الذي يجمعك بالموسيقا؟
** «أقول ببساطة.. ما يربطني بالموسيقا هي الروح، فكما تغذي الكريات الحمر جسدي، تغذي الأنغام الموسيقية روحي، لأن كل آلامي، وأحزاني، وأفراحي، وابتساماتي، تنساب بكل أريحية على أوتار العود، فأشعر بالعظمة. كما أرى أن الفن بشكل عام لا يقل أهمية عن العلوم، الفن هو أساس الحياة فهو يهذب الأخلاق التي بنيت عليها الأمم، ولولاه لما وجدت الكثير من الاكتشافات العلمية، والدليل على
|
الموسيقا مدينة فاضلة |
ذلك أن الكثير من العلماء على مر التاريخ كانوا موسيقيين مثل "الفارابي" و"ابن سينا" وغيرهما».
* اليوم نجد في الساحة المئات من الفنانين الذين اختلطوا بالشوائب، كيف يمكن للفنان الحقيقي أن يظهر وسط الزحام؟
** «في الحقيقة، هذا يعود إلى حقيقة الفنان من الداخل، فإذا كان موهوباً حقيقياً فإن إبداعه سيفرض نفسه، لأن الإبداع هو سمة من سمات الخلود، والعمل الناجح لا بدّ أن ينبع من فنان حقيقي».
* حدثنا عن حالتك الروحية أثناء العزف والغناء.
** «عندما أغني على المسرح ينتابني شعور وكأنني على عرش مملكتي الخاصة، وعندما أعزف الموسيقا وخاصة إذا كنت مختلياً، أشعر أني أتجول في شوارع مدينة أفلاطون الفاضلة أو ما يقارب ذلك».
* أين تبحث عن الموسيقا؟
** «في الموسيقا الشرقية عموماً، ولكني أفضل المهجنة منها كالموسيقا التركية التي تمزج بين الغرب والشرق في ألحانها».
* إلام
|
نسيم الأمين |
يطمح "نسيم"؟
«أعتقد أن الموسيقا ستكون كل شيء في مستقبلي، لذلك انتسبت إلى كلية التربية الموسيقية في جامعة البعث، ومشروعي إنتاج أغانٍ من ألوان متعددة تجمعها بصمتي الخاصة، كما أنوي أن أنشئ في بلدتي معهداً موسيقياً، يكتشف المواهب التي طالما حكمت عليها ظروف الريف بالإهمال، وهنا أقول لذوي المواهب: واجهوا ظروفكم، وافعلوا المستحيل لأن موهبتكم لا بدّ أن ترى النور يوماً ما».