الحبيب صلى الله عليه وسلم كأنك تراهـ
أمتاز النبي صلى الله عليه وسلم من جمال خَلقه وكمال خُلقه
بما لايحيط البيان بذكره ولا القلم بوصفه وكان من
أثره ان القلوب فاضت بإجلاله ومحبته وإكباره
بما لاتعرف الدنيا لرجل غيره فالذين عاشروه احبوه
إلى حد الهيام ولم يبالوا ان تندق اعناقهم ولا يخدش له
ظُفر وكان من مظاهر هذا الحب العظيم وصفهم الدقيق
لخَلقه وجسده وجوارحه ...فيما يلي نورد ملخصاً لشمائله
وصفاته كما وردت على لسان أصحابه رضوان الله عليهم:
{قـــامــتــه}
كان متوسط القامه لا بالطويل ولا بالقصير بل بين بين
كما أخبر بذلك أنس بن مالك رضي الله عليه قال :
كان رسول الله رَبعَة من القَََََََوم {أي متوسط القامه}
ليس بالطويل البائن ولابالقصير حسن الجسم
وان كان الى الطول أقرب.
{لـــونـه}
عن أنس رضي الله عنه قال:كان رسول الله أزهر اللون
ليس بالأدهم {أي الأسمر} ولا بالأبيض الأمهق
{أي لم يكن شديد البياض والبرص} يتلألأ نوراً
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
{كان النبي أبيض مشرباً بياضه بحمره}
{رأســـــه}
كان النبي{ص} ذا رأس ضخم فعن علي بن أبي طالب
قال:كان رسول الله ضخم الرأس , وقال هند بن أبي هاله
رضي الله عنه كان رسول الله عظيم الهامه.
{شــعــره}
وصف أنس بن مالك شعر الرسول فقال: وكان شعره ليس بجعد ولاسبط
{أي ليس متجعداً كشعر السودان وليس مسترسلاً كشعر الروم}
وإنما كان " رِجلا" كما وصفه علي بن أبي طالب ومعناه{الذي
فيه تثن قليل فهو بين الجعوده والبسوطه } وكان شعره شديد السواد
كما وصفته أم معبد رضي الله عنها ويتفاوت طول شعره فقد كان
يصل الى أنصاف أذنيه حيناً ويرسله أحياناً فيصل ألى شَحمَة أُوُذنيه
أو بين أذنيه وعاتقه وغاية طوله أن يضرب مَنِكبيه إذا طال زمان أرساله
بعد الحلق, وبهذا يُجمَع بين الروايات الوارده في هذا الشأن حيث أخبر
كل واحدٍ من الرواة عما رآه في حين من الاحيان.ولم يكن في راس
النبي شيب الا شعيرات يسيره في مفرق رأسه وصدغيه
{ الصدغ مابين الرأس والاذن}فقد أخبر جمع من الصحابه أن
مجموع الشيب الذي كان في لحية النبي ورأسه لايزيد عن عشرين شعره.
{وجــهــه}
لم يكن وجه الرسول مستديراً غاية التدوير,بل كان بين الاستداره
والإيساله كما وصفه علي بن أبي طالب ,وهو أجمل عند كل ذي
ذوق سليم وكان وجهه مثل الشمس والقمر في الأشراق والصفاء,
مليحاً كأنما صيغ من فضه لاأوضأ ولا أضوأ منه
فعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول
الله إذا سُر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر.
{جـبـيـنـه}
عن أبي هريره رضي الله عنه قال : كان رسول الله أسيل الجبين
{الاسيل: هو المستوي} وكان واسع الجبين أي ممتد الجبين طولاً وعرضاً
والجبين هو ما اكتنف الجبهه من يمين وشمال ,فهما جبينان, فتكون
الجبهه بين جبينين . وسعة الجبين محموده عند كل ذي ذوق سليم
وصفه ابن أبي خثيمة فقال: كان رسول الله أجلى الجبين إذا طلع جبينه
بين الشعر أو عند الليل أو طلع بوجهه على الناس
تراءى جبينه كأنه السراج المُتوقد يتلألأ.
{حـاجـبـاه}
حاجباه قويان مقوسان كاملان ومتصلان أتصالاً خفيفاً
لا يُرى أتصالهما إلا أن يكون مسافراً وذلك بسبب غبار
السفر كما وصفته أم معبد ..أزج,أقرن.. أي
متقوس الحاجبين مع الالتقاء الخفيف بينهما.
{عــيـنـاه}
كانت عينا الرسول واسعتين جميلتين مشربتين بحمره
وهي عروق حمر رقاق في بياض العين كما ورد عن
جابر بن سمره رضي الله عنه في وصفه للرسول
أنه كان أشكل العين..قال القسطلاني {الشُكله بضم
الشين هي الحمره تكون في بياض العين وهو محبوب محمود}
وهي من علامات نبوته , ولما سافر مع ميسره الى الشام
سأل عنه الراهب فقال : أفي عينيه حمره ؟ فقال: ماتفارقه
وكانت عيناه شديدتي سواد الحدقه ذات أهداب طويله
{أي رموش العينين} فعن عائشه رضي الله عنها قالت :
كانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما وكان أهدب
الاشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتهما {والعين النجلاء
هي الواسعه الحسنه والدعج:شدة سواد الحدقه
وكان الناظر إليه يظن أنه أكحل العينين وهو ليس بأكحل
كما ورد عن جابر بن سمره قال: وكنت إذانظرت إليه قُلت:
اكحل العينين وليس بأكحل.
{أنــفــه}
وصف الصحابي الجليل هند بن ابي هاله وهو أبن خديجه رضي الله
عنها زوجة النبي وصف انف النبي فقال انه :..أقنى العِرنَين.. و وصفه
علي بن ابي طالب بأنه " أقنى الانف" {و العرنان ماصلب من الانف
وقيل الانف كله} وأقنى العرنين أي طويل في وسطه بعض ارتفاع
مع دقة أرنبته {الأرنبه هي ما لان من الانف} وقيل أقنى الانف
أي مستدير الانف .
{خـــداه}
كان صلب الخدين فعن عائشه رضي الله عنها قالت :
كان رسول الله سهل الخدين صلتهما {والصلت الخد :
هو الأسيل الخد المستوي الذي لا يفوت بعض لحم بعضه
بعضاً}وعن عمار بن ياسر قال : كان رسول الله يسلم عن يمينه
ويساره حتى يرى بياض خده
{فمه وأسنانه}
عن جابر بن سمره قال : كان رسول الله ضليع الفم { أي
واسع الفم }جميلهُ وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم
ختم فم وعن هند بن أبي هاله قال: كان رسول الله أشنب
مفلج الاسنان {الاشنب الذي في أسنانه رقه وتحدد}
أفلج الثنيتن{الثنايا جمع ثنيه بالتشديد وهي الاسنان الاربع
التي في مقدمة الفم اثنتان من فوق واثنتان من تحت
والفلج هو التباعد بين الاسنان}
{لحـيـته}
كان النبي كث اللحيه , بمقدار قبضة اليد ,يُحسنهُا ويُطيبهُا
{أي يضع عليها الطيب} قالت عائشه كان كث اللحيه {والكث:
الكثير منابت الشعر الملتف} وكانت عنقفته بارزه وحولها
كبياض اللؤلؤ من الشيب {الغنقفه هي الشعيرات بين الشفه
السفلى والذقن} وفي أسفل عنقفته شعر منقاد حتى يقع انقيادها
على شعر اللحيه حتى يكون منها وعن عبدالله بن سبر رضي الله
عنه قال:كان في عنقفة رسول الله شعيرات بيض.
{عنقه ورقبته}
رقبته فيها طول أما عنقه فكأنه جيد دمية {الجيد هو العنق
والدمية هي الصوره التي بولغ في تحسينها} فعن علي بن أبي طالب
قال : كأن عنق رسول الله أبريق فضه , وعن عائشه قالت :
كان احسن عباد الله عنقاً لاينسب الى الطول ولا الى القصر
ماظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه أبريق فضه يشوب ذهباً
يتلألأ في بياض الفضه وحمرة الذهب وما غيب في الثياب
من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر.
{مـنـكـباه}
كان أشعر المنكبين {أي عليهما شعر كثير} واسع ما بينهما
والمنكب هو مجمع العضد والكتف والمراد بكونه بعيد ما بين
المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر
مع الاشاره الى أن بُعد ما بين منكبيه لم يكن منافياً للاعتدال
وكان كتفاه عريضين عظيمين فعن البراء بن عازب
رضي الله عنه قال : كان النبي بعيد ما بين المنكبين .
{إبـطـاه}
كان أبيض الإبطين وبياض الإبطين من علامات نبوته
إذ أن الابط من جميع الناس يكون عادة مُتَغَير اللون
قال عبدالله بن مالك : إذا سجد فرج بين يديه {أي باعد}
حتى نرى بياض إبطيه .
{ذراعـاه}
كان أشعر طويل الزندين {أي الذراعين}
سبط القصب {القصب يراد به ساعداه}
{كـفـاه}
كان رحب الراحه {أي واسع الكف} كفه ممتلئه لحماً
غير أنها مع غاية ضخامتها كانت لينه أي ناعمه
قال أنس رضي الله عنه :مامَسَستُ ديباجه ولا حريره
ألين من كف رسول الله وأما ماورد في روايات أخرى عن
خشونة كفيه وغلاظتهما فهو محمول على ما إذا عَمِِل في الجهاد
أو مهنة أهله فإن كفه الشريفه تصير خشنه للعارض المذكور
{أي العمل} وإذا ترك رجعت الى النعومه وعن جابر بن
سمره قال:صليتُ مع رسول الله صلاة الاولى فاستقبله ولدان
فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً قال: وأما أنا فمسح
خدي قال: فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار .
{أصابعه}
قال هند بن ابي هاله : كان الرسول سائل الاطراف
قوله{سائل الاطراف يراد بالأصابع أنها
طوال ليست بمنعقده}
{صـدره}
عريض الصدر ممتلئ لحماً ليس بالسمين ولا بالنحيل
سواء البطن والظهر وكان أشعر اعالي الصدر عاري
الثديين والبطن { أي لم يكن عليهما شعر كثير }
طويل المَسربه وهو الشعر الدقيق قال هند بن أبي هاله
كان رسول الله سواء البطن والصدر, عريض الصدر.
{بطنه وسرته}
قالت أم معبد رضي الله عنها:لم تعبه ثُلجه.
الثلجه: كبر البطن وعن هند بن أبي هاله قال:كان
رسول الله دقيق المسربه موصول مابين اللبه والسره
بشعر يجري كالخط عاري الثديين والبطن مما سوى
ذلك {واللبه المنحر وهو النقره التي فوق الصدر}.
{ركبتاه وساقاه وقدماه وعقباه}
كان ضخم الاعضاء كالركبتين والمرفقين والمنكبين
والاصابع وكل ذلك من دلائل قوته عليه الصلاة والسلام
فهن هند بن أبي هاله قال: كان النبي خمصان الأخمصين
الاخمص: من القدم مابين صدرها وعقبها وهو الذي لايلتصق
بالارض من القدمين يراد من ذلك أنه مرتفع,
مسيح القدمين ملساوان ليس في ظهورهما تكسر
لذا قال ينبو عنها الماء يعني انه لا ثبات للماْء
عليها وشثن الكفين والقدمين أي غليظ الاصابع والراحه
كما كان مَنهوس العَقِبَين أي لحمهما قليل كما ورد
عن جابر بن سمره رضي الله عنه
{خاتم النبوه }
وهو خاتم أسود اللون بارز بين كتفيه كالشامه
وفي روايه انه أخضر اللون وفي روايه أنه احمر اللون
وفي روايه أخرى انه كلون جسده والحقيقه انه لايوجد
تدافع بيت هذه الروايات لأن لون الخاتم كان يتفاوت
باختلاف الأوقات فيكون تاره أحمر وتاره كلون جسده
وهكذا بحسب الاوقات ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضة الحمامه
فعن جابر بن سمره قال : ورأيت الخاتم عند كتفه مثل
بيضة الحمامه ,يشبه لون جسده . وورد أنه كان على أعلى
كتف النبي اليسرى وقد عرف سلمان الفارسي رسول الله
بهذا الخاتم وعن عبدالله بن سرجس قال:رايت النبي وأكلت
معه خبزاً ولحماً وقال ثريداً..حتى قال : ثم درت خلفه
فنظرت الى خاتم النبوه بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى
عليه خيلان كأمثال الثآليل.
قال أبو زيد رضي الله عنه : قال لي رسول الله أقترب مني
فأقتربت منه فقال:أدخل يدك فامسح ظهري قال: فادخلت
يدي في قميصه فمسحت ظهره فوقع خاتم النبوه بين أصبعي
قال: فسئل عن خاتم النبوه فقال:" شعرات بين كتفيه "