نور الاسلام مشرفة قسم عالم حواء
الــعــــمــر : 34 الــعــمــــــل : طالبة عدد المساهمات : 2006 الانتساب : 06/02/2010
| موضوع: لحظة فداء السبت 27 فبراير - 3:22 | |
|
قبل فترة قريبة مرّ بي مشهد مؤثر شعرت معه كأنني توقفت عن التنفس .. وفي لحظاتيسيرة طافت بذهني ذكريات قصص كثيرة سمعتها .. هذا المشهد الذي رأيته كأنما قدحشرارة في مخزن الذكريات .. ومازالت تتقافز أمام عيني كل ما أتذكره من قصص ذات صلةبهذا المشهد ..
دعوني أحدثكم أولاً عن هذه الذكريات والقصص التي هجمت عليمتزاحمة في لحظات يسيرة.. ثم أروي لكم المشهد المؤثر الذي استثارها..
من هذهالقصص التي تذكرتها قصة أحد الإخوان الذين لي بهم علاقة خاصة، حكى لي مرة أنه كاننازلاً من الدور الثاني في منزله، ويحمل بين يديه بنيّته التي شارفت إكمال الربيعينمن العمر، يقول صاحبي: وأنا في وسط درجات السلّم نازلاً عثرت قدمي، فسقطت وبنيتيبين يدي، فوجدتني بشكل تلقائي سريع أنحرف إلى الأرض بالطرف الآخر من جسمي لأداري عنبنيّتي سقوطها على الأرض، وبسبب رفعي لها بكلتا يدي فإني لم أستطع أن أحمي نفسي،فتسبب لي ذلك بكدمات شديدة، وذهبت بنيّتي تكمل لعبها وهي لاتعلم مالذي جرىلي!
فكنت أتعجب كثيراً من مشاعر الأبوة هذه التي جعلته بشكل عفوي سريع يؤلمنفسه لتسلم بنيته!
قصة أخرى مماثلة تذكرتها أمام ذلك المشهد، وهي قصة صاحبآخر حكى لي مرة أنه لازال يتذكر وهو صغير أنه كان في ليلة من الليالي مريضاً يئنطوال الليل، وأن والدته كانت بجانبه تنظر إليه وتختنق أنفاسها مع كل زفرة من أنينه،وتتوجع له حتى تكاد تخرج روحها من التألم له، ليس هذا كله هو الملفت، وإنما يقولصاحبي أنه كان يسمع والدته -رحمها الله- كانت تتمتم بدعاء وتقول "ياليته فينيولافيك .. ياليته فيني ولافيك وأنا أمك".
فكنت أتعجب كثيراً كيف تتمنى تلكالوالدة الحنونة أن يكون المرض فيها وليس في ولدها، يالمشاعر الأمومة هذه التيلايمكن تخيل مدى فدائها لفلذة كبدها..
قصة أخرى شبيهة بما سبق تذكرتهاأيضاً أمام ذلك المشهد، يقول لي صاحبي: أنه كان مرة من المرات في غاية الإرهاقويتضور جوعاً، ولما وصل المنزل طلب من زوجته وجبة هي من أطيب وأشهى الوجبات إلىنفسه، وأخذ يتشاغل بكل شئ ريثما ينتهي إعداد الوجبة، فلما انتهى الأمر ووضع الطبقبين يديه بعد أن كاد يعصره الانتظار، جلس بجانبه طفله الصغير وأخذ يشير إلى الطبق،ثم يشير إلى فمه، وينظر إلى والده، لم يكن الطفل جائعاً بقدر ماهو تطفل الصغار، ومعذلك فإن هذه التوسلات أنسَت الوالد نفسه وأخذ يلقّم طفله الصغير ونسي نفسه ..
ياللدهشة .. كيف يغيب الإنسان عن نفسه أمام توسلات طفله الصغير .. تلكأحاسيس الأبوة..
وخير من هذه القصص السابقة، وأشرف وأجل منها، قصة أخرى قفزتلذهني حين كنت أمام ذلك المشهد المؤثر، وهي قصة وقعت أمام النبي وأصحابه في السنةالثامنة للهجرة، وذلك أنه حين جاء سبي هوازن رأى النبي فيه أماً حنونة ملهوفة تبحثفي السبي عن صبيها، ويروي عمر بن الخطاب القصة فيقول:
(قُدِم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسبى، فإذا امرأة من السبى تبتغى إذا وجدت صبيا فى السبىأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا رسول الله «أترون هذه المرأة طارحة ولدهافى النار». قلنا لا والله وهى تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله « لله أرحمبعباده من هذه بولدها » ) [البخاري:5999، مسلم: 7154]
فتعجب النبي –صلىالله عليه وسلم- من شدة لهفة هذه الأم بصبيها حتى كانت تلتقط صبياً إثر صبي منالسبي فتلقمه ثديها !
فياسبحان الله ما أعظم مشاعر الأمومة والأبوة تجاهأطفالهم، وهذا ليس شأناً مختصاً بالبشر، بل حتى الحيوانات العجماوات تحمل من مشاعرالأمومة الحنونة شيئاً مثيراً للأحاسيس وكوامن النفوس، ففي سنن أبي داود عن ابنمسعود أنه قال (كنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فى سفر، فانطلق لحاجته،فرأينا حمّرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمّرة فجعلت تفرش، فجاء النبىفقال « من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها» ) [سنن أبي داود: 2677]
فانظركيف كان هذا الطير يفرش جناحيه ويدنوا إلى الأرض مفجوعاً بفراخه، فكيف تكون مشاعرالآدميين تجاه أطفالهم؟!
بل وفي صحيح البخاري أيضاً أن النبي –صلى الله عليهوسلم- حين ذكر الرحمة التي أنزلها الله في الأرض يتراحم بها الخلق قال عن الحيوانات (حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) [البخاري: 6000]
المهم .. أن هذه القصص العجيبة الأخاذة المدهشة أخذت تتلاحق أمام عيني بصورة حزينة حين كنتأمام مشهد مؤثر مرّ بي قبل أيام .. أتذكر هذه القصص ثم أعيد التأمل في هذا المشهدالذي استحوذ على أحاسيسي..
أتدري ماهو هذا المشهد المؤثر الذي استثار كل هذهالقصص في نفسي يا أخي الكريم؟إنه بكل اختصار "آية" من كتاب الله كادت تذهببعقلي وأنا أقرؤها .. فكل ما أعرف من رحمة الأبوة والأمومة بأطفالهم فإنه سيذهب بهاهول لحظة مشاهدة النار يوم القيامة فيتمنى الأب العطوف والأم الحنون أن يتخلصوا منهذه النار حتى لو أرسلوا فلذات أكبادهم إليها، يقول الحق تبارك وتعالى في مشهدمرعب:
(يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍبِبَنِيهِ) [المعارج: 11]
يا ألله .. يا فرجنا إذا أغلقت الأبواب .. اللهمالسلامة السلامة من هذه النار التي أذهبت عقل الوالدين من شدة أهوالها حتى نسواأغلى الناس إليهم، بل تمنوا أن يكون أولادهم مكانهم ويتخلصوا منها !
أطفالهم الذين كانوا يفدّونهم ويقدّمونهم على أنفسهم، ستأتي لحظة الفداءالكبرى التي تصعق فيها النفوس من شدة الهلع حين تسمع فوارن نار يوم القيامة وشهيقلهبها وهي تأكل الناس والحجارة .. وأمام ذلك المشهد فإن الوالد يود لو يفتدي منعذاب يومئذٍ ببنيه!
يا ألله .. إلى هذه الدرجة يصل الهول والرهبة .. يودالمجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه..
أمام هذا الذعر المهول تذهب كل تلكالأحاسيس العطوفة .. أي رعب أكثر من هذا الرعب الذي ينسي الوالدين مشاعر الأبوةوالأمومة؟! أي مشهد مخيف ذلك الذي ينسي الوالدين فلذات أكبادهم؟
| |
|
أبو محمد مؤسس المنتدى
الــعــــمــر : 37 الــعــمــــــل : مصمم اعلاني عدد المساهمات : 3276 الانتساب : 06/02/2010
| موضوع: رد: لحظة فداء السبت 27 فبراير - 10:13 | |
| | |
|
عدنان مظلوم عضو مميز
الــعــــمــر : 37 الــعــمــــــل : طالب عدد المساهمات : 483 الانتساب : 07/02/2010
| موضوع: رد: لحظة فداء السبت 27 فبراير - 18:41 | |
| | |
|