فاجأت نورة صديقتها صباح أحد الأيام بوردة حمراء وضعتها على صدرها ، حيث بادرنها بابتسامة اتبعنها بمسائلتها : ما المناسبة ؟
أجابت : ألا تعلمين أن اليوم هو يوم الحب وأن الناس يحتفلون به ويتبادلون التهاني .. إنه احتفال بالحب ، بالرومانسية ، بالصدق ، إنه يوم فالنتاين .. ومضت في فخر تحدثهن عما رأت في تلك القناة الفضائية . لكن أمل – وكانت تستمع باهتمام – سألت نورة متعجبة : ما معنى فالنتاين ؟! قالت : إن معناه الحب باللاتينية .. ضحكت أمل التي تميزت بالثقافة والإطلاع من هذا الجواب وقالت : تحتفلين بشيء لا تعرفين معناه !. إن فالنتاين هذا قسيس نصراني عاش في القرن الثالث الميلادي ، ومضت تقول لهن ما حدث لهذا القسيس وأن عيد الحب ما هو إلا احتفال ديني خالص تخليداً لذكرى إحدى الشخصيات النصرانية ..
وتأسفت أمل على حال بعض بناتنا اللاتي يتلقين ما يقال لهن ويعملن به دون أي تفكير .
قصة عيد الحبقالت أمل لصديقتها : إن الموسوعة الكاثوليكية ذكرت ثلاث روايات حول فالنتاين ولكن أشهرها هو ما ذكرته بعض الكتب أن القسيس فالنتاين كان يعيش في أواخر القرن الثالث الميلادي تحت حكم الإمبراطور الروماني كلاوديس الثاني وفي 14 فبراير 270م قام هذا الإمبراطوربإعدام هذا القسيس الذي عارض بعض أوامر الإمبراطور الروماني .. ولكن ما هو هذا الأمر الذي عارضه القسيس ؟ قالت أمل : لقد لاحظ الإمبراطور أن هذا القسيس يدعو إلى النصرانية فأمر باعتقاله ، وتزيد رواية أخرى أن الإمبراطور لاحظ أن العزاب أشد صبراً في الحرب من المتزوجين الذين يرفضون الذهاب لجبهة المعركة ابتداء فأصدر أمراً بمنع عقد أي قران ، غير أن القسيس فالنتاين عارض هذا الأمر واستمر يعقد الزيجات في كنيسته سراً حتى اكتشف أمره وأُمر به فسجن .
وفي السجن تعرف على ابنة لأحد حراس السجن وكانت مصابة بمرض فطلب منه أبوها أن يشفيها فشفيت – حسب ما تقول الرواية – ووقع في غرامها ، وقبل أن يعدم أرسل لها بطاقة مكتوباً عليها (( من المخلص فالنتاين وذلك بعد أن تنصرت مع 46 من أقاربها .))
وتذكر رواية ثالثة: أن المسيحية لما انتشرت في أوروبا لفت نظر بعض القساوسة طقسٌ رومانيٌ في إحدى القرى الأوروبية يتمثل في أن شباب القرية يجتمعون منتصف فبراير من كل عام ويكتبون أسماء بنات القرية ويجعلونها في صندوق ثم يسحب كل شاب من هذا الصندوق والتي يخرج اسمها تكون عشيقته طوال السنة حيث يرسل لها على الفور بطاقة مكتوب عليها ( باسم الآلهة الأم أرسل لك هذه البطاقة ) تستمر العلاقة بينهما ثم يغيرها بعد مرور سنة !! وجد القساوسة أن هذا الأمر يرسخ العقيدة الرومانية ووجدوا أن من الصعب إلغاء الطقس فقرروا بدلاً من ذلك أن يغيروا العبارة التي يستخدمها الشباب من ( باسم الآلهة الأم ) إلى ( باسم القسيس فالنتاين ) وذلك كونه رمزاً نصرانياً ومن خلاله يتم ربط هؤلاء الشباب بالنصرانية .
وتقول رواية أخرى : أن فالنتاين هذا سئل عن آلهة الرومان عطارد الذي هو إله التجارة والفصاحة والمكر واللصوصية ، وجويبتر الذي هو كبير آلهة الرومان فأجاب أن هذه الآلهة من صنع الناس وأن الإله الحق هو المسيح عيسى .
قالت أمل : تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
وتابعت أمل : يقول أحد القساوسة إن آباءنا وأمهاتنا يستغربون ما وصل إليه هذا العيد الديني حيث أصبحت بعض البطاقات تحتوي على صورة طفل بجناحين يدور حول قلب وقد وجه نحوه سهماً سألت أمل صديقتها : أتدرون إلى ماذا يعني هذا الرمز ؟ إن هذا الرمز يعتبر إله الحب عن الرومانيين !!
وقالت إن أحد مواقع عيد الحب على الإنترنت زين حدوده بقلب يتوسطه صليب !.
حكم الاحتفال بعيد الحبأضافت ماجدة إلى كلام أمل ما قرأته عن حكم الاحتفال بأعياد اليهود والنصارى فقالت : في مجتمع يملؤه الحب الصادق ويسوده الاحتساب في العلاقات الأسرية إلى حد كبير ، بدأت تظهر عادات غريبة على فئة قليلة من فتياتنا المؤمنات ، وذلك بتأثير بعض القنوات الفضائية ، وحيث أن بعض الناس أصيب بمرض التقليد وخاصة لأولئك الذين تفوقوا صناعياً ، فإن حمى التبعية سرعان ما تنتشر لا سيما في النساء قليلات الثقافة وذلك من علامات الانهزامية فيجدر بكل مثقفة لها شخصية متميزة أن تنتبه له – أي التقليد – وأن لا تغتر بحضارتها .
حدث أبو واقد رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( سبحان الله ، هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم )) [ أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح ] .
فحب التقليد وإن كان موجوداً في النفوس إلا أنه ممقوت شرعاً إذا كان المقلد يخالفنا في اعتقاده وفكره خاصة فيما يكون التقليد فيه عقدياً أو تعبدياً أو يكون شعاراً أو عادة ، ولما ضعف المسلمون في هذا الزمان ازدادت تبعيتهم لأعدائهم ، وراجت كثير من المظاهر الغريبة سواء كانت أنماطاً استهلاكية أو تصرفات سلوكية ، ومن هذه المظاهر الإهتمام بعيد الحب وهو إحياء للقسيس فالنتاين الذي ذكرت لنا أمل قصته إذا اعتقد من يحتفل إحياء ذكرى فالنتاين فهو لا شك في كفره ، وأما إذا لم يقصد فهو قد وقع في منكر عظيم . يقول ابن القيم : ( وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالإتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحو ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل إن ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس .. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل ، كمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أوكفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه ) أ.هـ.
قالت أمل : وما علاقة هذا بالولاء والبراء يا ماجدة ؟
أجابت ماجدة : لما كان من أصول اعتقاد السلف الصالح الولاء والبراء وجب تحقيق هذا الأصل لكل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فيحب المؤمنين ويبغض الكافرين ويعاديهم ويشنئهم ويخالفهم ويعلم أن في ذلك من المصلحة ما لا يحصى كما أن في مشابهتهم من المفسدة أضعاف ذلك .
وبالإضافة إلى ذلك فإن مشابهة المسلمين لهم تشرح صدورهم ويدخل على قلوبهم السرور ، كما أن مشابهة الكفار توجب المحبة والموالاة القلبية لأن التي تحتفل بهذا العيد وترى مارغريت أو هيلاري يحتفلن بهذه المناسبة فلا شك أن هذا يسبب نوع من الارتياح وقد قال الله عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) [ المائدة : 15 ] وقال سبحانه : (( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله )) [ المجادلة : 22 ] وقال تعالى : (( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) [ النور : 2 ] ومن مساوئ مشابهتهم نشر شعائرهم وجعلها هي الغالبة ، وبهذا تندثر السنة وتختلط بغيرها وما من بدعة أحييت إلا وأميتت سنة . ومنها أن في مشابهتهم تكثير لسوادهم ونصرة لدينهم واتباع له والمسلم يقرأ في كل ركعة (( اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين