في الذي لا معنى له
الهواء الممدّدُ على عتبات أحلامنا والمضغوطُ في كبسولة المعنى
الهواء القادم من أمسنا المستعاد
والمبقّع بمداد فحولتنا
الهواءُ الذائبُ في مياهِ ذاكرةٍ معطوبة
والمسجّى على سرير العدم
الهواءُ المنتشر فوق سفوح خساراتنا والمرتفعُ عالياً .. عالياً فوق قاماتنا
الهواءُ المحاصرُ بين مدنٍ مخرّبةٍ
وقرىً عامرةٍ بالأضاحي
الهواءُ الذي كان( نحن)ُ
ثم غادرنا .. إلى معسكر أعدائنا المفترَضين
الهواءُ المرمّدُ في تلويحة الأعمى والمخاتلُ في الأسرَّة الخاوية والأسرّةِ المخادعة
ِ الهواءُ المريب في الممرات المعزولةِ خلف البنايات العاليةِ
الهواءُ المعلّقُ بين عاشقين
والمداهنُ بين صديقين
الهواءُ المعطَّلُ والمعطِّلُ
لعجلة أيامنا الراحلة وأيامنا الآتيةِ
الهواءُ المُجنَّحُ في الأعالي
الهواء المنتظِرُ في سردابٍ بسامراء والمتكلّسُ في ضريح نبيٍّ لم يُكتشف بعد الهواءُ المصفّد في جيوب الفقراء
والراقد في بطون الجائعين
الهواءُ المزنّر بخطايانا
وخطايا آبائنا .. منذ داحسَ والغبراء
بل منذ هبوطك يا آدم
الهواء العابر دون اهتمام
فوق أنهارنا المستباحةِ
والهائمُ بين مهاجرنا و ملاذاتهم
الهواءُ المتأرجحُ بين " لا " مُسورةً بالعويل
و " نعم " ممهورةً بالتمنّي
الهواء المقذوف من سماء شعاراتنا بصندوقه الأسود
الهواءُ المُطَلسَم في ذاكرة الناجين
من آخر حربٍ مجنونةٍ
الهواءُ المخيَّرُ والمحيَّر بين ساريتين أو أكثر
الهواءُ المزمجِرُ في صرخات المغدورين والمرتهَنُ لمقابر جماعية قادمة
الهواء الهارب من " تايتانيكنا " المنسيةِ والملوِّح لـ ( تشيرنوبل )أخرى
الهواء المرتعِبُ في غرف المحكومين بالذبح
على الطرق المتاحة كلّها
الهواءُ المُدافُ بدعاء الأمهات
والنائمُ في حقائب أطفالنا المدرسية
الهواءُ المعلَّبُ في الخطب
والمسيّسُ في الاجتماعات
الهواء المؤدلَجُ في المهرجانات
والمعبّأ في بالونات الأعياد الرسمية .. وغير الرسمية
الهواءُ المقدَّدُ على موائد التجّار
قبلَ أو بعدَ 2003
والمهرَّب في ناقلات النفط
الهواءُ المرشِّح والمرشَّّح للانتخابات القادمة
والمهيّأ ليكون سفيرَنا القادمَ
في الأمم المتحدة
الهواء المعطَّر بالبسملات
والمنضَّدُ في أكياس وعلب الحصة التموينية
الهواء المؤبَّد في حوصلة الشاعر والمحرَّرُ من قاموس الكلمات
الهواءُ الذي لا معنى له في كلّ ما ذكرت الهواءُ الشهيق
الهواء الزفير
الهواءُ الذي لم يعد هواءً
الهواء
الهواء
الهواء
سأجمعهُ كلَّهُ في عبوة ناسفة
وبعيداً .. بعيداً عنكَ يا وطني
لئلاّ أضيفَ رماداً آخرَ
وسطَ هذا الخراب
ولئلاّ يفزَّ الشهداء من نومهم مرةً ثانية سأجعلُه جاهزاً
لينفجرَ الآن
في ركنٍ قصيٍّ .. من هذا الرأس